سلطت صحيفة عبرية الضوء على الأزمة المتصاعدة بين روسيا وأوكرانيا والتي يمكن أن تتسبب في اندلاع حرب بينهما، ستتسبب في خسارة لإسرائيل التي تسعى بقوة لمنع هذه الحرب.
وأفادت صحيفة “هآرتس” في مقال كتبه إنشل بابر، بأن رئيس الحكومة الحالي نفتالي بينيت، اقترح على الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، استضافته في تل أبيب مع نظيره الأوكراني فلوديمير زيلنسكي، وذات المقترح قدمه رئيس الحكومة السابقة بنيامين نتنياهو، لكن بوتين في الحالتين رفض الدعوة.
وأشار المقال إلى أن “إسرائيل لها علاقات دبلوماسية وثيقة ودافئة مع كييف وموسكو في نفس الوقت، ورغم بعدها عن منطقة القتال، إلا أن لها مصلحة قوية في منع حرب بين روسيا وأوكرانيا، ولديها الكثير مما ستخسره إذا نشبت هذه الحرب”.
وأفادت “هآرتس” بأن “إسرائيل هي بمثابة مدينة ملاهي ومكان لجوء بالنسبة للطبقة الأوليغاركية الروسية-الأوكرانية، التي كثير من الأعضاء فيها، بفضل جذورهم اليهودية، لديهم الجنسية الإسرائيلية لساعة الطوارئ”.
وأضافت: “بفضل اتفاقات سرية بين أجهزة المخابرات، فإن إسرائيل هي المكان الوحيد الذي فيه الطبقة الأوليغاركية الذين أغضبوا بوتين، يكونون آمنين من أن يتم اغتيالهم بواسطة مادة البولونيوم عن طريق وضعها في فنجان الشاي”، منوهة إلى أن “روسيا وأوكرانيا على رأس قائمة الدول التي يأتي منها مهاجرون جدد إلى إسرائيل”.
وذكرت الصحيفة، أنه “منذ صعود بوتين إلى السلطة، وبدأ باتباع سياسة خارجية عنيفة، فقد اضطرت تل أبيب إلى أن تخطو بحذر زائد نحو مصالح الكرملين، وهذه الصعوبة أصبحت مهمة بشكل خاص في ظل حكم الرئيسين الأمريكيين السابقين، باراك أوباما ودونالد ترامب، اللذين قادا تقليص تواجد القوات الأمريكية في الشرق الأوسط، بما يشبه الرئيس الحالي جو بايدن، مع إبقاء فراغ تملؤه روسيا بشكل جزئي”.
أما من الناحية العسكرية، فإن “إسرائيل توجد في مكان متميز جدا من ناحية منظومة علاقاتها، وهي في الواقع ليست عضوا في حلف الناتو، لكن لديها علاقات وثيقة مع معظم جيوش أعضاء الحلف، وهو ما وجد تعبيرا في السنوات الأخيرة في عدد متزايد من التدريبات المشتركة في إسرائيل ودول الحلف، وفي هذه المناورات، الجانب الأحمر هو دائما عدو متخيل، لكن دائما هو عدو (إيران) مزود بأنظمة قتال من إنتاج روسي”.
ولفتت إلى أنه “طوال السنوات الستة والنصف الأخيرة، أي منذ إرسال بوتين سلاح الجو الروسي لإنقاذ نظام بشار الأسد من الانهيار، فقد كانت إسرائيل موجودة في تنسيق يومي لنشاطاتها الجوية في سماء سوريا، وهذه الترتيبات تم الاتفاق عليها في اللقاءات في موسكو على مستوى هيئات الأركان العامة وتجري على المستوى التكتيكي في خط ساخن بين غرفة العمليات الروسية في قاعدة حميميم في سوريا وبين قيادة سلاح الجو في مقر وزارة الأمن في تل أبيب، وهذا التنسيق يمكن إسرائيل من مواصلة العمل ضد أهداف إيرانية في سوريا”.
الغاز والحرب
واعتبرت “هآرتس”، أن “شبكة علاقات الجيش الإسرائيلي مع “الناتو” هي ذخر استراتيجي، لكن التنسيق اليومي مع الروس هو ضرورة استراتيجية”، منوهة إلى أن هناك “اعتبارا استراتيجيا آخر لإسرائيل، يتعلق ببيع الغاز الطبيعي الإسرائيلي لزبائن أوروبيين، عبر مخططات طموحة لإقامة أنبوب تحت البحر يربط حقول الغاز البحرية في إسرائيل باليونان ومن هناك إلى أوروبا، ومشكوك فيه أن يخرج في أي يوم إلى حيز التنفيذ، ولكن احتمالية نقل الغاز الإسرائيلي بصهاريج إذا نشبت حرب ثم أوقفت روسيا التزويد بالغاز، موجودة في الخطط الموجودة في أدراج الغرب”.
ونبهت إلى أن “إسرائيل ستكون سعيدة لبيع الغاز إلى أوروبا، ولكنها من ناحية أخرى، تخشى من الطريقة التي سيفسر فيها بوتين هذه الخطوة”، منوهة إلى أن من بين الاعتبارات الإسرائيلية، أن “هناك خوفا على سلامة الجاليات اليهودية في شرق أوكرانيا، التي من شأنها أن تتحول إلى منطقة قتال”.
وقالت: “في هذه الأثناء ليس هناك ارتفاع في عدد طلبات الهجرة، لكن هذا الواقع من شأنه أن يتغير بسرعة، رغم أن بوتين مقرب جدا من زعماء الطائفة اليهودية في روسيا، وزيلنسكي هو نفسه يهودي، والحكومتان العدوتان تعرضان أنفسهما كمن تدافعان عن الجاليات اليهودية فيهما، ولكن في الفوضى التي ستسود في المنطقة عند نشوب الحرب المحتملة، فإن من شأن مشاعر الكراهية تجاه اليهود أن تندلع”.
وأفادت الصحيفة، بأنه “بسبب هذه الحساسية، تتجنب إسرائيل منذ سنوات الانضمام لبيانات الإدانة التي تقودها الولايات المتحدة ضد روسيا، وحتى قبل 12 عاما، عشية الغزو الروسي لجورجيا في 2008، حذر بوتين الرئيس الراحل شمعون بيرس، مما يتوقع أن يحدث، فيما اهتمت إسرائيل بإعادة مستشارين لشركات أمنية خاصة عملوا في مساعدة جيش جورجيا إلى إسرائيل”.
منذ ذلك الحين، “تجنبت إسرائيل تقريبا بشكل كامل بيع السلاح والمعدات الأمنية لدول الاتحاد السوفييتي السابق، التي اعتبرتها روسيا عدوة لها، وإذا اضطرت إلى الاختيار، فلن يكون لإسرائيل أي مناص، فهي عضو في معسكر الغرب بقيادة الولايات المتحدة، لكن طالما أن الأمر يتعلق ببوتين وخططه، فهي ستفعل كل ما في استطاعتها لتجنب اختيار الوقوف بشكل علني إلى جانب طرف بصورة واضحة”.