الثلاثاء 10 ديسمبر 2019 08:08 م بتوقيت القدس
أصدرت السلطات القضائية المصرية، أمس الإثنين، حكما غيابيا، ضد المقاول والممثل المصري، محمد علي، الذي "فضح" ملفات فساد تصل إلى رأس هرم النظام، الرئيس عبد الفتاح السيسي، متسببا باحتجاجات صغيرة ونادرة في البلاد، في أيلول/ سبتمبر الماضي.
وقضت محكمة جنايات القاهرة أمس، بسجن علي لمدّة خمسة أعوام وتغريمه مبلغ خمسين ألف جنيه، لاتهامه بـ"التهرب من الضرائب".
وكان علي قد أثار ضجة إعلامية وشعبية، عندما خرج في سلسلة فيديوهات في أيلول/ سبتمبر الماضي، متحدثا عن تجربته كمقاول صاحب شركة كبيرة، مع فساد الجيش المصري، والتي سرعان ما تحولت إلى دعوة للتظاهر ضد السيسي ونظامه.
ورغم عدم وجود "إثباتات" لكلام علي الذي وضّح مرارا وتكرارا أن انعدام الشفافية والمساءلة بالنظام، تمكن السلطات من تكذيب كلامه دون الحاجة لتقديم إثباتات من طرفها، إلا أن الشهادة التي قدمها على وقائع فساد ارتكبتها قيادات عليا، وحول إساءة استخدام لأموال الدولة على نطاق واسع، دفعت بضعة آلاف للتظاهر في 20 أيلول/ سبتمبر الماضي بما أُطلق عليه "جمعة الرحيل"، أي المطالبة بتنحي السيسي.
وكان الأمر اللافت أيضا، أن السيسي سرعان ما خرج لتكذيب علي الذي قال إن الرئيس يشيد قصورا بأموال طائلة لنفسه، على شاشات التلفاز، رافضا اتهامات الفساد ومؤكدا أنه سيتسمر ببناء القصور "من أجل مصر".
وحرّكت السلطات المصرية آلتها القمعية لإخماد جميع محاولات الاحتجاج السلمي، حتى تلك التي تأتي على شكل منشورات على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتقلت آلاف المواطنين تعسفيا، لتقضي على المظاهرات.
وتستمر الحملة الأمنية اليوم، حتى بعد القضاء على التظاهرات، وهي جزء من حملة أكثر اتساعا للقضاء على شتى أنواع المعارضة منذ وصول السيسي للحكم عام 2014، نتيجة انقلاب عسكري نفذه ضد الحكومة المنتخبة الوحيدة في تاريخ مصر، عام 2013.
ويُقدر عدد السجناء السياسيين في السجون المصرية، بحسب منظمات حقوقية عالمية، بأكثر من 60 ألف شخص.
وبحسب النسخة الإلكترونية لصحيفة "أخبار اليوم" المنحازة للنظام، فإن محكمة جنايات القاهرة المنعقدة في التجمع الخامس قضت على محمد علي أيضا بسداد نحو 42 مليون جنيها مصريا، بعد اتهام شركته "أملاك" بالتهرب من سداد ضرائب مستحقة خلال الفترة بين تشرين الأول/ أكتوبر 2012 وأيلول/ سبتمبر 2016.
كما فرضت المحكمة على المقاول غرامة قيمتها خمسين ألف جنيه "في اتهامه بالتهرب من دفع الضرائب المستحقة لمشاريع تابعة لشركة أملاك، بالإضافة لخصم الضريبة دون وجه حق بالمخالفة للقانون".
وكان علي الذي يعيش في إسبانيا اليوم، قد ادعى أنه غادر مصر والجيش يدين له بمبلغ 220 مليون جنيه مقابل خدمات قدمها، لكنه لم يقدم أيضا أي دليل يثبت تلك المزاعم.
وعلى مدى أكثر من 15 عامًا من العمل مع الجيش، قال علي إن شركته كانت تدفع رشاوى بشكل روتيني إلى الذراع التجارية للجيش، التي تسمى بالهيئة الهندسية، لتأمين عقود لا حصر لها لمشاريع مربحة، مثل بناء القصور الرئاسية والفنادق الفخمة.
وحظي الجيش منذ وصول السيسي، بهيمنة متزايدة على عالم الأعمال، فضلاً عن التنافس الظاهر على ما يبدو مع القطاع الخاص في البلاد، حيث أنه يتمتع بمزايا لأنه معفى من الضرائب والمساءلة.