الاربعاء 16 اكتوبر 2019 14:35 م بتوقيت القدس
قالت صحيفة "واشنطن بوست" الأميركية في افتتاحية لمجلس تحريرها بعنوان "خطأ ترامب في سوريا لا يمكن إصلاحه" إنه "حتى الآن، كان من الممكن أن نأمل أن يكون الضرر الناجم عن عدم كفاءة الرئيس ترامب وجهله واندفاعه في السياسة الخارجية نظرياً إلى حد كبير، وربما يكون من الممكن إصلاحه. لكن هذا لم يعد صحيحاً".
وأوضحت الصحيفة أن "تكلفة خطئه الأخير في سوريا تتكشف أمام أعيننا: أرواح بريئة ضائعة. خيانة الجنود الأميركيين والنساء. جرأة الدكتاتوريين السفاحين. إطلاق سراح الإرهابيين الخطرين. مشهد مروع يجري، ومن المؤكد أنه سيزداد سوءاً".
وأضافت "واشنطن بوست": "كم مرة قام السيد ترامب وممثلوه الجمهوريون في الكونغرس بتوبيخ الرئيس باراك أوباما بسبب السماح لسوريا بتجاوز "خطه الأحمر" من دون عواقب وخيمة؟ لا يحق لأي منهم أن يذكر ذلك مرة أخرى. السيد ترامب – من دون أي اعتبار، ومن دون سابق إنذار، ولا تشاور مع الحلفاء، ومن دون أي اعتبار للدول الأخرى التي قاتلت إلى جانب الولايات المتحدة وخاطرت برجالها ونسائها في المعركة – قد فرّ".
وقالت الصحيفة إنه في العامين الماضيين، تعاونت القوات الأميركية الشجاعة مع حلفائنا الأكراد لهزيمة خلافة "داعش" القاتلة. لقد فقد هؤلاء الحلفاء أكثر من 11000 من الرجال والنساء الذين قتلوا؛ وفقدت الولايات المتحدة العشرات من قواتها. لقد كان نجاحاً نادراً للولايات المتحدة في الشرق الأوسط.
ورأت "واشنطن بوست" أن الرئيس ترامب قد رمى بكل شيء بعيداً. فاستسلامه متسرع إلى درجة أن القوات الأميركية لم تتمكن من تنفيذ خطة طويلة الأمد لاحتجاز العشرات من المعتقلين البارزين في "داعش". ويمكننا أن نتوقع أن نسمع من هؤلاء الإرهابيين قبل وقت طويل، في المنطقة، في أوروبا أو في الولايات المتحدة. من المرجح أن يمارس "داعش" قوته الخبيثة مرة أخرى. إذ يتم ذبح الحلفاء الذين قاتلوا إلى جانبنا، والنساء والأطفال غير المقاتلين أيضاً. وأضافت الصحيفة أن إيران تعززت قوتها مما يهدد إسرائيل. كما أن الرئيس السوري بشار الأسد قد تم تعزيز قوته أيضاً، وأن روسيا تتولى المسؤولية. ولم يكن من الممكن لأعداء أميركا تحقيق نتيجة أفضل.
وأشارت "واشنطن بوست" إلى أن ترامب يحب أن يتخذ صورته كبطل للمقاتلين الأميركيين. ولكن ما هو الدواء الأكثر مرارة الذي يمكن لأي قائد عام إدارته للقوات الأميركية من أن يأمرهم بالتخلي عن الرفاق الذين قاتلوا إلى جانبهم؟ إنه يحب أن يكون كذلك، كعدو عظيم لإيران، وحتى أثناء فراره من سوريا، فإنه يأمر بإرسال 1800 جندي أميركي إلى السعودية، ظاهرياً لردع إيران. لكن هذا النشر، في حين يثبت عدم اتساقه المطلق لادعائه بـ"إنهاء الحروب في الشرق الأوسط"، سيكون له تأثير أقل بكثير على إيران من الانسحاب الأميركي من سوريا، والذي يفتح الباب أمامها لتضخيم نفوذها هناك، على حدود "إسرائيل"، بحسب تعبير الصحيفة.
وختمت الصحيفة الأميركية أن أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين مثل ليندسي غراهام وماركو روبيو، اللذين ابتهجا واحتفلا بالسيد ترامب وفريق الأمن القومي التابع له، أصبوا الآن يتورطان في فرض العقوبات على تركيا كعقاب على غزوها. وقال ترامب الاثنين إنه يدعم الآن مثل هذه العقوبات. لكن قبل أسبوع واحد فقط، أعطى الضوء الأخضر لتوغل تركيا، وشجعّها يوم الأحد الماضي بإعلانه انسحاباً سريعاً للولايات المتحدة. يتحمل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، بطبيعة الحال، مسؤولية غزوات تركيا. ولكن إذا كان هناك أي تماسك - أو أخلاق - في موقف ترامب، فإنه يقوم بعمل جيد لإخفائه.