الاربعاء 13 فبراير 2019 08:31 م بتوقيت القدس
أيّد الأعضاء في مجلس النواب الروسي (الدوما)، اليوم الثلاثاء، مشروع قانون يُتيحُ لروسيا عملية بناء "شبكة إنترنت ذات سيادة"، قادرة على العمل بشكل مستقل في حالة انقطاع البلاد عن الخوادم العالمية الرئيسية، وكذلك لزيادة سيطرتها على محتويات الشبكة، وفق ما أوردت وكالة "فرانس برس" للأنباء.
وصوت 334 من أعضاء الدوما لصالح مشروع القانون في القراءة الأولى، بينما عارضه 47. وذكر العديد من النواب المنتمين للأحزاب التي تشكل أقلية في المجلس أن كلفة المشروع مرتفعة كثيرا.
ويُصر واضعو مشروع القانون أن على روسيا أن تضمن أمن شبكاتها بعدما كشف الرئيس الأميركي دونالد ترامب، إستراتيجية بلاده الجديدة المتعلقة بمجال الأمن المعلوماتي العام الماضي، فيما أشار مُنتقدو الخطوة، إلى أنها تشكل خطوة باتجاه تشديد الرقابة وربما عزل الشبكة، على غرار الوضع في الصين.
ويأتي مشروع القانون في أعقاب ما وصفه مسؤولون أميركيون بأنه؛ موجة من الهجمات عبر الإنترنت شنتها كل من روسيا وإيران وكوريا الشمالية والصين، محذرين من أنه سيتم الرد من الآن فصاعدا على أي تدخلات معادية هجوميا ودفاعيا.
وتؤكد الجهات التي تقف وراء مشروع القانون أن الهدف هو إيجاد "آلية دفاعية لضمان استقرار مهام شبكات الإنترنت في روسيا على المدى الطويل" في حال اتخذت الولايات المتحدة أي تحرك إلكتروني لتهديدها.
ويقترح القانون إنشاء مركز "لضمان توجيه حركة الإنترنت وضبطها" ويُلزم مزودي خدمات الانترنت فرض "إجراءات تقنية للصمود أمام التهديدات المحدقة".
ويقتضي كذلك إجراء "تمارين" دورية لاختبار قدرة الإنترنت في روسيا على العمل بشكل منعزل.
وخلال جلسة البرلمان، لم يتمكن واضعو القانون من تقدير تكلفة ذلك على المدى البعيد أو تحديد التهديدات التي سيتمكن من صدها أو حتى كيفية عمله. لكنهم أكدوا أنه من الممكن إضافة آراء الخبراء في مشروع القانون لجلسة مناقشته الثانية.
ورفض أحد واضعي مشروع القانون جميع الانتقادات مشيرا إلى حجم التهديد المحتمل من واشنطن.
وقال أندريه لوغوفوي، وهو أحد المشتبه بهم الرئيسيين في عملية قتل معارض الكرملين ألكسندر ليتفينينكو في بريطانيا عام 2006، "هذه ليست حضانة!" مشيرا إلى أن الولايات المتحدة أغلقت "جميع المواقع الإلكترونية في سورية" في الماضي.
ويشير معارضو مشروع القانون إلى أنه يعكس جهود السلطات المتواصلة للحد من الحريّات عبر الإنترنت رغم الكلفة العالية لذلك.
وذكر أندريه سولداتوف الذي شارك في تأليف كتاب عن تاريخ مراقبة الإنترنت في روسيا أن "هذا أمر خطير للغاية. إنه تحرك نحو عزل روسيا بشكل كامل (...) عن الإنترنت".
وفي السنوات الأخيرة، قامت السلطات بتضييق الخناق على الإنترنت وعرقلة المحتوى والمواقع المرتبطة بالمعارضة، وكذلك الخدمات التي رفضت التعاون معها مثل منصة الفيديو ديلي موشن، ومواقع مثل "لينكدن" و "تلغرام".
من جهته، يقول ارتيوم كوزوليوك مدير "روكومسفوبودا" المنظمة غير الحكومية للدفاع عن حرية الإنترنت إن "هذا القانون ينطوي على مخاطر جسيمة للمجتمع المدني" في روسيا، مشيرا إلى أنه "يتطلب أموالا ضخمة".
ويُواجه المشروع معارضة ديوان المحاسبة نظرا لكلفته التي تقدر بأكثر من 20 مليار روبل (270 مليون يورو)، فضلا عن المخاوف بسبب الصلاحيات الواسعة التي سيتم منحها إلى وكالة "روسكوندزور".
وسيكون لدى هذه الوكالة إمكانية للتدخل مباشرة في إدارة الشبكة في حالة أي تهديد ومنع المحتوى المحظور مباشرة في روسيا، وهي مهمة تقع حاليًا على المشغلين أنفسهم بدرجات متفاوتة من النجاح.
ومن المتوقع "تقليل" الإرسال إلى الخارج لبيانات يتم تبادلها على الإنترنت بين المستخدمين الروس، من خلال مرورها بشكل أساسي عن طريق خوادم في سجل خاص تحددها الوكالة.
وتحاول روسيا منذ عدة سنوات تعزيز سيطرتها على الإنترنت، إحدى المساحات الأخيرة من الحرية النسبية في البلاد، ومطلوب من شركات الإنترنت الروسية والأجنبية تخزين بيانات مستخدميها في روسيا.