السبت 10 نوفمبر 2018 20:47 م بتوقيت القدس
إذا كنت لا تحب الرئيس الأميركي، دونالد ترامب، فإن الخبر الجيّد هو أنه سوف يُغادر منصبه خلال 24 شهرًا، أي بعد انتهاء مدّة رئاسته الرسمية، لكنّ الخبر السيّئ هو فرصه للبقاء في منصبه حتى العام 2025، باتت أقوى.
كسرت الانتخابات النصفية الأخيرة قوّة ترامب أكثر مما تتوقعه، لكنّ الجمهوريّين حافظوا على سيطرتهم على مجلس الشيوخ، بفوزهم بولايات إنديانا وميسوري وداكوتا الشمالية. ورغم أنّ الديمقراطيين استعادوا سيطرتهم على مجلس النواب، كما كان متوقعًا، إلا أنه لا يمكن اعتبار فوزهم "ثورةً مضادةً"، كما كانوا يأملون.
لا تعبّر النتائج عن موجة تأييد أخرى لترامب، لكنّها أكدت على أنه سوف يبقى بموقع قوّة، ومحبّة الناس له أو كراهيّتهم، لا يُغيران من كونه ظاهرة سياسية فريدة من نوعها.
عبر أولية من نتائج الانتخابات
1- الخوف
نجحت خطّة ترامب في تخويف الناس، فلم يكتفِ الجمهوريون بالحفاظ على سلطتهم داخل مجلس الشيوخ فقط، بل نجحوا بكسب مقاعد إضافية فيه، والأهم من ذلك، أعضاء المجلس من الجمهوريّين المؤيدّين لترامب، هو أكثر من سابقيهم.
إن الصّياغات المعادية للمهاجرين التي استخدمها ترامب، كتعهّده بتأمين الحدود من "اجتياح قافلة المهاجرين" القادمين من أميركا الوسطى، كانت بمثابة خطوة "خارج الصندوق" لزيادة نسبة التصويت، ففيما استفاد الديمقراطيون من موجة هذه الزيادة، فإن ناخبي الحزب الجمهوري لم يجلسوا في منازلهم، أيضًا.
وتبنى بعض المرشحين الجمهوريين الفائزين، مثل مايك براون في ولاية إنديانا، خطابات ترامب، خصوصًا تلك التي ركّزت على معاداة المهاجرين، ويُظهر فوز هؤلاء في ولاياتهم، مدى ازدياد تحكم ترامب بالحزب الجمهوري.
2- ترامب للرئاسة عام 2020
يبدو أن ترامب في موقع أفضل مما كان يعتقده المعلّقون، في سعيه للفوز بولاية رئاسية أخرى عام 2020.
لقد فاز الديمقراطيون بمجلس النواب مجددًا، لكن هذا يعود جزئيًا إلى أن مسار الانتخابات النصفية يعمل بهذه الطريقة بشكل عام. وعلاوة على ذلك، فإنهم لم يغزوا مناطق ترامب، أي الولايات والمدن الحمراء (المؤيدة للجمهوريين) الواقعة في الجنوب والغرب الأوسط وحزام الصدأ في الولايات المتحدة، بأي شكل من الأشكال.
وتعني سيطرة الديمقراطيين على مجلس النواب، أن حياة ترامب السياسية لن تكون بالسهولة التي كانت عليها، لكنهم لن يستطيعوا طرده من منصبه دون أغلبية حقيقية داخل مجلس الشيوخ، وهو أمرٌ يبدو وكأنه لن يكون في المستقبل القريب.
إضافة إلى ذلك، تؤكد نتائج الانتخابات النصفية، أنه لا وجود لسياسي جمهوري ذي قيمة حقيقية لكي يتحدى ترامب بالترشيح الرئاسي في انتخابات عام 2020، فقد أثبت الأخير مرة أخرى، أنه سياسي مثير للإعجاب، يتمتع بإدارة إستراتيجية صحيحٌ أنّها فظة، لكنها فعالة.
3- رئيس المحكمة العليا بريت كافانو
تُشير النتائج إلى أن المعركة الشرسة والمثيرة للجدل، التي دارت حول اختيار ترامب لكافانو رئيسًا للمحكمة العليا، عززت قاعدة ناخبيه أكثر من الديمقراطيين. ففي الولايات الحمراء، خسر أعضاء مجلس الشيوخ الديمقراطيين الذين صوتوا ضد اختيار كافانو مقاعدهم، وهم هايدي هيتكامب في نورث داكوتا، وجو دونيلي في إنديانا وكلير ماكاسكيل في ميسوري.
بالمقابل، فإن الديمقراطي الوحيد الذي صوّت لصالح كافانو، السيناتور جو مانكين، كسب المعركة الانتخابية في ولاية فيرجينيا الغربيّة المحسوبة تاريخيًا على الجمهوريين.
4- لا مسيحَ منتظرا ديمقراطيا
بدا مرشح مجلس الشيوخ الديمقراطي في تكساس، بيتو أوروك، وكأنه سوف يكون الشخصية البارزة التي تعمل على إعادة إحياء الحزب وتنشطيه كما فعل الرئيس السابق، باراك أوباما، عندما كان في منصب سيناتور عام 2008، لكنه خسر أمام تيد كروز، على الرغم من المنافسة الشديدة (التقارب بين النتائج). ما يُشير إلى أن الديمقراطيين قد يحتاجون لتحديث خطابهم بحيث يتخطى فكرة التمركز حول "إيقاف ترامب".
5- المرأة
إنه عام المرأة، لكن ليست المرأة التقدمية وحدها من ظهرت إلى العلن، وتسببت نتائج هذه الانتخابات بدخول رقم قياسي من النساء (250) إلى الكونغرس. وتوحي النتائج الأولية إلى أن ناخبات بيضاوات كثرًا دعمن ترامب مقابل المرشحة الديمقراطية عام 2016، انقلبن إلى الطرف الثاني، ما يعكس أهمية الرعاية الصحية كإحدى الأسباب الأساسية لحصول الديمقراطيين على عدد أصوات كبير.
لكن الديمقراطيات لم تكنّ المرشحات الوحيدات اللاتي ربحن في الانتخابات النصفية، فقد فازت المرشحة المؤيدة لترامب والأكثر معاداة لقافلة مهاجري أميركا الوسطى، بمقعد مجلس الشيوخ عن ولاية تنيسي.
6- المنحدرون من أصول جنوب أميركية كعامل رئيسي
لقد أُدين ترامب بشكل واسع خلال حملات الانتخابات النصفية، بسبب موقفه المعادي للقادمين من أصول جنوب أميركية (هسبانو)، والمفارقة هي، أنه كلما زاد عدد الجمهوريين الذين يجتذبون الهسبانو، كلما زادت فرصهم للفوز في المرّة القادمة.
وتظهر استطلاعات الرأي، أن الجمهوريين ربما حصلوا على أقل من 30 في المائة من أصوات الهسبانو في الانتخابات النصفية، بالمقارنةً مع نحو 45 في المائة للجمهوري الأسبق، جورج بوش، عام 2004.
وإذا ما نجحوا في زيادة هذه النسبة إلى ما بين الـ35 والـ40 في المائة، فإن ذلك سيكفي من تحويل الولايات البنفسجية (الولايات المتأرجحة بين الديمقراطيين والجمهوريين) مثل فلوريدا ونيفادا إلى ولايات حمراء.
7- البنفسجي لون طاغ
ما زال الأميركيون يفضلون توزيع أصواتهم، بمعنى أن لا مشكلة لديهم بأن يصوتوا للحزبين المنافسين في نفس الانتخابات (صوت لمجلس النواب وصوت لمجلس الشيوخ)، وهذا يحوّل الفكرة السائدة بأن هناك ولايات حمراء أو زرقاء (المؤيدة للديمقراطيين) بالكامل، إلى مبالغة محضة.
على سبيل المثال، حاز المرشحون الديمقراطيون على رئاسة الحكومات المحلية، في ولايات جمهورية تقليدية، مثل فوز لاورا كيلي، في كنساس، على المرشح الجمهوري المعادي للمهاجرين والموالي لترامب، كرين كوباتش. وعلى نفس النسق، فقد فاز مرشحون جمهوريون في حكومات محلية لولايات ديمقراطية تقليدية، كنيو إنجلاند.
8- فلوريدا تُعيد مركزيتها بالانتخابات الأميركية
ما زال التنبؤ بنتائج الانتخابات في ولاية فلوريدا مستحيلًا، فحُدد التوجه الاقتراعي للناخبين مرّة أخرى في يوم الانتخابات، والتي خسر فيها المرشحان الديمقراطيان بيل نيلسون، لمجلس الشيوخ، وأندرو غيلوم لمنصب حاكم الولاية. وكلما تحولت فوريدا للون البنفسجي أكثر، كلّما حددت عدّة انتخابات رئاسية القادمة.
ونهاية، فإن ملخص الانتخابات النصفية هو أن ترامب موجود ليبقى، ومع أن الديمقراطيين يتحكمون بمجلس النواب، إلا أن ذلك منحه مؤسسة تعرف نفسها على أنها ضده، بينما يتوجه هو نحو إعادة انتخابه كرئيس للولايات المتحدة في غضون عامين.