الثلاثاء 12 سبتمبر 2017 08:34 م بتوقيت القدس
منذ فوز الحزب المحافظ في الانتخابات، بلغت صادرات المملكة المتحدة من الأسلحة خمسة مليار جنيه إسترليني، وقد أثار هذا المعطى ضجة كبيرة لأن جل الأسلحة والعتاد العسكري قد ذهب إلى أنظمة قمعية خلال 22 شهرا الماضية. في الحقيقة، تقف المملكة العربية السعودية خلف هذا الارتفاع الكبير في صادرات الأسلحة، إلى جانب دول أخرى تمثل موضوع جدل في سجلات حقوق الإنسان، من بينها أذربيجان وكازاخستان وفنزويلا والصين، التي تعتبر من أبرز الوجهات التي سافرت إليها الأسلحة البريطانية.
والجدير بالذكر أن هذه المعطيات قد كُشفت قبل أيام معدودات من انطلاق المعرض العسكري الدولي لأجهزة الدفاع والأمن، الذي يُعقد في مركز إكسيل شرقي لندن، في إحدى أهم المعارض حول العالم. ونجد من بين الدول التي استدعتها الحكومة البريطانية إلى المشاركة في هذا المعرض؛ مصر وقطر وكينيا والبحرين والمملكة العربية السعودية.
على خلفية ذلك، دعا نشطاء محليون الحكومة لوقف بيع الأسلحة للإمارات العربية المتحدة، بسبب انتهاكات حقوق الإنسان. كما اتهموا الحكومة بالتفاوض مع هذه الدولة الخليجية من أجل تسليمها تكنولوجيا تجسس رقمية ستستخدمها حكومة الإمارات حتما في التجسس على شعبها، ومن أجل توفير العتاد الحربي اللازم كي تتمكن من تعزيز ترسانتها العسكرية لمواصلة تنفيذ جرائمها الحربية في اليمن.
من أبرز الدول المستوردة للأسلحة البريطانية؛ نجد الجزائر التي أجرت صفقة طائرات هليكوبتر في أيلول/ سبتمبر سنة 2015 بمبلغ قيمته 195 مليون جنيه تاريخيا، لطالما كانت السعودية أبرز المشترين للأسلحة المصنعة في المملكة المتحدة، ولكن ما أثار الانتباه هذه المرة هو ارتفاع نسبة المبيعات بين دول أخرى، بفضل جهود الحكومة البريطانية الرامية إلى دعم الصناعة الدفاعية، التي توفر موطن شغل لقرابة 55 ألف شخص.
عقب استفتاء مغادرة الاتحاد الأوروبي، انتقلت منظمة الدفاع والأمن، الهيئة الحكومية التي تدعم صناعة الأسلحة وبيعها في الخارج، من مقرها في إدارة المملكة المتحدة للتجارة والاستثمار إلى إدارة التجارة الدولية. بعد ذلك بفترة وجيزة، أعلن وزير التجارة الدولية البريطاني، ليام فوكس، أنه سيحرص على دعم صادرات البلاد من الصناعة العسكرية والأمنية. في المقابل، تخشى المنظمات والجمعيات الحقوقية أن تشهد مبيعات البلاد من العتاد العسكري، خلال فترة ما بعد الانسحاب من الاتحاد الأوروبي، طفرة نوعية مع دول تشهد انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان.
من بين الدول التي استدعتها الحكومة البريطانية إلى المشاركة في هذا المعرض؛ مصر وقطر وكينيا والبحرين والمملكة العربية السعودية.
في هذا السياق، تساءلت النائبة عن حزب العمال، هيلين غودمان، الأسبوع الماضي عن مبيعات الأسلحة التي بلغت 80 ألف جنيه إسترليني، التي يُعتقد بأنها إيرادات متأتية من بيع أنظمة مكونات الغواصات، لحكومة مادورو الفنزويلية في السنة الماضية. وحيال هذا الشأن، قالت غودمان “في ظل رفض حكومة مادورو التعاون مع التحقيقات التي تجريها الأمم المتحدة حول انتهاكات حقوق الإنسان في بلادها، هل ستتوقف الحكومة البريطانية عن بيع الأسلحة لها حتى تحل هذه الإشكاليات العالقة”.
كما كشفت الحملة المعارضة لتجارة الأسلحة أنه من بين 49 دولة مصنفة “غير حرة” من قبل فريدم هاوس، المؤسسة المستقلة التي تدعم الديمقراطية، باعت المملكة المتحدة في ظل الحكومة الحالية الأسلحة لنحو 36 دولة منها.
منذ سنة 2015، أجرت السعودية صفقات من أجل شراء معدات دفاعية بريطانية، مؤلفة بالأساس من قنابل وطائرات مقاتلة، قيمتها 3.75 مليار جنيه إسترليني، مقابل صفقات لم تتجاوز 160 مليون جنيه إسترليني قبل 22 شهرا التي سبقت الانتخابات. فضلا عن ذلك، لم تتراجع الصادرات نحو الأنظمة القمعية، بل تضاعفت منذ انتخاب حكومة الحزب المحافظ، فقد بلغت الصادرات، دون احتساب المملكة العربية السعودية، 1.2 مليار جنيه إسترليني، مقارنة بحوالي 680 مليون جنيه إسترليني خلال 22 شهرا التي سبقت الانتخابات.
تاريخيا، لطالما كانت السعودية أبرز المشترين للأسلحة المصنعة في المملكة المتحدة
ومن أبرز الدول المستوردة للأسلحة البريطانية؛ نجد الجزائر التي أجرت صفقة طائرات هليكوبتر في أيلول/ سبتمبر سنة 2015 بمبلغ قيمته 195 مليون جنيه، وقطر التي اشترت طائرات حربية قيمتها 120 مليون جنيه، والصين التي تخضع لحظر عسكري. ومع ذلك، وافقت المملكة المتحدة على تصدير معدات أجهزة رادار عسكرية، في صفقة بلغت قيمتها 16 مليون جنيه. وهنا تجدر الإشارة إلى ظهور مشتر جديد وهو أذربيجان، التي اشترت ما قيمته 500 ألف جنيه إسترليني من أجهزة الاستهداف.
في هذا الإطار، قال المشارك في حملة معارضة تجارة الأسلحة، أندرو سميث، “عملت المملكة المتحدة بشكل منتظم على تسليح العديد من الأنظمة الوحشية والسلطوية في العالم، كما استدعِيَ بعضهم إلى لندن لشراء الأسلحة. في الحقيقة، إن هذه المبيعات من الأسلحة ليست بالحركة المحايدة، إنما هي إشارة واضحة للدعم السياسي والعسكري الذي تقدمه الحكومة للأنظمة التي تتعامل معها. فقد لعبت الحكومة دورا مركزيا في هذا، ولطالما وضعت صادرات الأسلحة في قائمة أولوياتها على حساب حقوق الإنسان”.
في المقابل، تؤكد الحكومة البريطانية أن صادراتها من الأسلحة تخضع لأنظمة ترخيص شديدة الصرامة. ولعل هذا ما أكده وزير الخارجية، ألان دنكان، أمام نواب البرلمان الأسبوع الماضي، إن “الحكومة تتحمل مسؤولياتها في مراقبة صادراتها بكل جدية، وهي توظف إحدى أدق أنظمة الرقابة الدفاعية وأشدها صلابة في العالم. فنحن ندقق بشدة في كل طلب شراء حالة بحالة، حتى لا تنتهك مواصفات تراخيص التصدير التي يطبقها الاتحاد الأوروبي والجيش القومي”.