الاثنين 13 مارس 2017 20:44 م بتوقيت القدس
الملك المظفر سيف الدين قطز سلطان مصر المملوكي، يعتبر أبرز ملوك دولة المماليك، وقاهر التتار في معركة عين جالوت، نتعرف على بداية حياة قطز، وكيف وصل لحكم مصر، ودوره في رد التتار.
معركة عين جالوت التقى الفريقان في المكان المعروف باسم عين جالوت في فلسطين في 25 من رمضان 658هـ= 3 سبتمبر 12600م، وكانت الحرب ضاريةً؛ أخرج التتار فيها كلَّ إمكانياتهم، وظهر تفوُّق الميمنة التترية التي كانت تضغط على الجناح الأيسر للقوات الإسلامية، وبدأت القوات الإسلامية تتراجع تحت الضغط الرهيب للتتار، وبدأ التتار يخترقون الميسرة الإسلامية، وبدأ الشهداء يسقطون، ولو أكمل التتار اختراقهم للميسرة فسيلتفُّون حول الجيش الإسلامي. كان قطز يقف في مكان عالٍ خلف الصفوف يُراقب الموقف بكامله، ويُوَجِّه فِرَق الجيش إلى سدِّ الثغرات، ويُخَطِّط لكلِّ كبيرة وصغيرة، وشاهد قطز المعاناة التي تعيشها ميسرة المسلمين، فدفع إليها بآخر الفرق النظامية من خلف التلال، ولكنَّ الضغط التتري استمرَّ. فما كان من قطز إلَّا أن نزل ساحة القتال بنفسه؛ وذلك لتثبيت الجنود ورفع روحهم المعنوية، ألقى بخوذته على الأرض تعبيرًا عن اشتياقه للشهادة، وعدم خوفه من الموت، وأطلق صيحته الشهيرة: «وا إسلاماه!».
وقاتل قطز مع الجيش قتالًا شديدًا، حتى صَوَّب أحدُ التتر سهمه نحو قطز فأخطأه، ولكنه أصاب الفرس الذي كان يركب عليه قطز، فقُتل الفرسُ من ساعته، فترجَّل قطز على الأرض، وقاتل ماشيًا لا خيل له، ورآه أحد الأمراء وهو يُقاتل ماشيًا، فجاء إليه مسرعًا، وتنازل له عن فرسه، إلَّا أنَّه امتنع، وقال: «ما كنت لأحرم المسلمين نفعك!». وظلَّ يُقاتل ماشيًا إلى أن أتوه بفرس من الخيول الاحتياطية، وقد لامه بعض الأمراء على هذا الموقف وقالوا له: «لمَ لمْ تركب فرس فلان؟ فلو أن بعض الأعداء رآك لقتلك، وهلك الإسلام بسببك».
فقال قطز: «أمَّا أنا كنت أروح إلى الجنة، وأمَّا الإسلام فله ربٌّ لا يُضيعه، وقد قُتل فلان وفلان وفلان... حتى عدَّ خلقًا من الملوك (مثل عمر وعثمان وعلي رضي الله عنهم) فأقام الله للإسلام مَنْ يحفظه غيرهم، ولم يضع الإسلام». وانتصر المسلمون في عين جالوت ولاحق قطز فلولهم وطَهَّر المسلمون بلاد الشام بكاملها في غضون بضعة أسابيع، وعادت من جديد أرض الشام إلى ملك الإسلام والمسلمين، وفُتحت دمشق، وأعلن قطز توحيد مصر والشام من جديد في دولة واحدة تحت زعامته، بعد عشر سنوات من الفُرقة؛ وذلك منذ وفاة الملك الصالح نجم الدين أيوب، وخُطب لقطز رحمه الله على المنابر في كل المدن المصرية والفلسطينية والشامية، حتى خُطب له في أعالي بلاد الشام والمدن حول نهر الفرات. وبدأ قطز يُوَزِّع الولايات الإسلامية على الأمراء المسلمين، وكان من حكمته رحمه الله أنه أرجع بعضًا من الأمراء الأيوبيين إلى مناصبهم؛ وذلك ليضمن عدم حدوث الفتنة في بلاد الشام، ولم يخشَ قطز –رحمه الله- من خيانتهم، وخاصة بعد أن تبيَّن لهم أنه لا طاقة لهم بقطز وبجنوده الأبرار.